روائع مختارة | واحة الأسرة | قضايا ومشكلات أسرية | لا أريد إلا زوجا يربي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > قضايا ومشكلات أسرية > لا أريد إلا زوجا يربي


  لا أريد إلا زوجا يربي
     عدد مرات المشاهدة: 3759        عدد مرات الإرسال: 1

زوجي لا يهتم فيما يحصل في المنزل لدينا أطفال لا يفكر في أن يوجههم أو يعلمهم يترك هذه المسألة علي وحدي ويقول: من وجهة نظره أني أنا المسئولة عما يحدث داخل المنزل كل ما يهمه النت والأصدقاء.

 

لدينا طفل عمره 5 سنوات لا يحترم والده نهائيا لأنه أبدا لا يردعه عن الكلام البذيء الذي يتكلم به أبدا لكن أنا طفلي يكن لي الاحترام ولا يتجرأ أن يتلفظ بالكلام البذيء؛ لأن الطفل يعرف أني سأعاقبه.

أنا لا أريد شيئا إلا زوج يهتم مع أن زوجي رجل طيب جدا وكزوج هو زوج مثالي ولكن كأب لا يريد أن يربي ودائما يردد مقولة: (أنا ما جبت أولاد علشان أهوشهم أو أعقدهم).

فالتربية من وجهة نظره تعقيد أنا تكلمت معه وناقشته في هذا الموضوع حتى تعبت ولكن لا فائدة حتى إنه لا يرد علي نهائيا لذلك أريد حلا.

بيانات المستشير:

اسم المستشير: أم يوسف.

رد المستشار:

اسم المستشار: أ. خالد عبد اللطيف المزهر.

أشكرك أختي السائلة على ثقتك بموقع المستشار والقائمين عليه ولتعلمي أن استشارتك خير دليل على وعيك بأهمية صلاح أبنائك وتربيتهم وهو وربي من الأمور التي تغبطي عليها فهنيئا لك ولتحمدي الله تعالى القائل: {وما بكم من نعمة فمن الله} [سورة النحل: 53].

وإنني والله أكبر فيك هذا الحرص على صلاح أبنائك وتربيتهم ولتعلمي أن الله تعالى يقول: {فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى} [سورة آل عمران: 159] وستجدين ثمرة صلاح أبنائك بركة في حياتك وعلاقتك بزوجك.

واسمحي لي أيتها الغالية أن أضع بين يديك جملة من الوصايا ومنها:

1- استمري على ما أنت عليه من حسن التربية لأبنائك مستمدة العون والسداد منه تعالى.

2- أكثري أخيتي من الطاعات والتقرب لله تعالى بالأعمال الصالحة فهي سر السعادة والطمأنينة والاستقرار وهي الحياة وما سواها هم وشقاء وصدق الله تعالى حين قال: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة} [سورة النحل: 97].

قال سعيد بن المسيب لابنه: إني لأزيد في صلاتي من أجلك، رجاء أن أحفظ فيك.

ففي قصة أصحاب الجنة الذين أرادوا منع الفقراء من الصدقة التي كان أبوهم يجود بها عليهم فلما وقعوا في الذنب عاقبهم الله تعالى فجعل جنتهم كالصريم!

غير أن الله تعالى وفقهم بعد ذلك للتوبة فتابوا وتاب الله عليهم وكل ذلك ببركة صلاح والدهم وأسدل ستار قصتهم بقولهم تائبين منيبين: {عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون} [سورة القلم: 32].

وقد شيد الخضر عليه السلام جدار الغلامين اليتيمين في المدينة التي كان أهلها من أشد الناس بخلا بفضل صلاح أبيهم {وكان أبوهما صالحا} [سورة الكهف: 82].

قال ابن عباس رضي الله عنهما: (حُفظا بصلاح أبيهما، وما ذُكر منهما صلاح).

وقال ابن كثير رحمه الله: فيه دليل على أنّ الرجل الصالح يحفظ في ذريته، وتشمل بركة عبادته لهم في الدنيا والآخرة... وقد ذُكر أنّه الأب السابع، وقيل العاشر.

3- إن مسئولية تربية الأبناء تقع على عاتق الوالدين جميعا غير أن الأم تستأثر بالنصيب الأكبر من هذه المسئولية (بل مسئوليتها أهم وأخطر باعتبار أنها ملازمة لولدها منذ الولادة إلى أن يشب ويترعرع ويبلغ السن التي تؤهله ليكون إنسان الواجب ورجل الحياة) [من كتاب (تربية الأولاد في الإسلام (1/ 106)] في حين ينشغل الأب بأعماله خارج المنزل ولست أدعو هنا لأن يتخلى الزوج عن دوره المهم فأنتما وجهان لعملة التربية والإصلاح الواحدة غير أني أردت أن أبين أن دورك مهم، ولذا أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالأم فعن أبي هريرة رضي الله عنه: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق بحسن صحابي؟ قال: «أمك». قال: ثم من ؟ قال: «أمك». قال: ثم من ؟ قال: «أمك». قال: ثم من؟ قال: «أبوك».

فالأم عماد الأسرة وركيزتها، والمؤثر الأول والأخير في حياة المرء، وهي صانعة الرجال، وهي المدرسة الأولى وفيها قال شاعر النيل حافظ إبراهيم:

الأم مدرسة إذا أعددتها *** أعددت شعبا طيب الأعراق

4- ذكرت أخيتي أن زوجك (طيب جدا وزوج مثالي) فمادام أنه كذلك فالتمسي له العذر فلربما كان محملا بأعباء أعماله الخارجية وهو في ذلك ينشد السعادة والطمأنينة لأسرته ولربما عاد من عمله مرهقا متعبا يبحث عن الكلمة الطيبة والمتنفس الهادئ لأخذ قسط من الراحة والاستقرار حينها أوصيك أخيتي بمنحه ما أراد ولا تنسي شكره على ما بذله من جهوده المضنية اليومية.

التمسي له العذر مرة أخرى فلربما كانت ثقافته وتنشئته ليست بالمستوى المأمول (وفاقد الشيء لا يعطيه) ولكن !!

ألا تشاطريني الرأي في أن قولك إنه (زوج رائع ومثالي) لا يستحق منك أن تقعي في الخلاف معه بسبب إغفاله لتربية أبنائه ؟؟

(فلا تبعثريه أخيتي في الشكوى من ابتعاده عنك لأنك بهذه الطريقة تدفعينه بعيدا عنك وسيشعر أنه دائما متهم بالتقصير وبأنك تحملينه ما لا يريده وتريدين السيطرة عليه وفرض أجندتك الخاصة عليه. فعلى الزوجة ألا تجعل من هذا الأمر- أي عدم معاونة الزوج إياها- مشكلة وتختلف معه أو تنغص عليه حياته وعليها أن تستعين بالله سبحانه وتعالى) [من كتاب (كيف تتخلصين من زوجك القديم لحسن سعودي ص 48 بتصرف يسير] فدعي التذمر والشكوى أخيتي حتى لا يكره زوجك الجلوس معك في البيت خصوصا أنه (أصبح لا يرد عليك نهائيا) بل الصواب أن تكفيه المئونة محتسبة الأجر على الله.

إن الزوجة الفطنة الذكية هي من تستطيع الحصول على ما تريد من زوجها دون خدش حياتها أو المساس باستقرارها فلديها ما هو كفيل بتحقيق ما تريد، وأنا على يقين أنك حينما تتركي الإلحاح والشكوى من إهماله أنه سيتساءل ولربما عاتب نفسه على تقصيره ولا أستبعد أن يمد لك يد المساعدة !!وهنا ينبغي عليك أن تمدحي قليل البذل منه واشكريه دون نقد أو تجريح أو عتاب وفي نظري أنك هنا قد كسبت بقاء زوجك كما كان (مثاليا ورائعا) وربحت أخيتي مشاركته بطيب نفس منه لك ولو باليسير كنتيجة حتمية لثنائك ومدحك لما قام به ولأن مشاركته كانت نابعة منه ودون أن تفرض عليه.

5- وأما عن دورك تجاه تقصير زوجك وقلة بضاعته فيكمن في أربع جوانب:

الجانب الأول: حسن التبعل له وطاعته وألا تستسلمي لليأس من إصلاحه فأنت أخيتي بين مسئولية ومشكلة ! مسئولية تربية أبنائك ومشكلة تخلي الزوج عن دوره فلا تضيفي مشكلة ثالثة (الخلاف والنفور بينكما) فاحرصي على أن تجلسي معه جلسة مصارحة في جو هادئ بعيد عن الضوضاء وشغب الأبناء تستغلين أريحيته وانبساطه ولتذكري له أنه مسئول عن أبنائه يوم القيامة ففي الحديث: «والرجل راع في بيته ومسئول عن رعيته» رواه البخاري ومسلم بيني له أخيتي ما أعده الله له من الأجر والثواب ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من عال جاريتين- أي قام عليهما بما يجب لهما من التربية- حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين» وأشار بأصبعيه. رواه البخاري في الأدب المفرد ورواه مسلم ذكريه أخيتي أن هذه المرحلة هي من أهم المراحل لغرس القيم وما أحسن قول بعضهم:

قد ينفع الأدب الأولاد في صغر *** وليس ينفعهم من بعده أدب

إن الغصون إذا عدلتها اعتدلت *** ولا تلين ولو لينته الخشب

قال سهل بن عبد الله التستري: كنت أنا ابن ثلاث سنين أقوم الليل فأنظر إلى صلاة خالي (محمد بن سوار) فقال لي يوما: ألا تذكر الله الذي خلقك ؟ فقلت أذكره ؟ قال: قل بقلبك عند تقلبك في فراشك ثلاث مرات من غير أن تحرك به لسانك: الله معي، الله ناظر إلي، الله شاهدي، فقلت ذلك ليالي ثم أعلمته فقال: قل في كل ليلة سبع مرات فقلت ذلك ثم أعلمته فقال: قل ذلك كل ليلة إحدى عشرة مرة فقلته فوقع في قلبي حلاوته فلما كان بعد سنة قال لي خالي: احفظ ما علمتك ودم عليه إلى أن تدخل القبر فإنه ينفعك في الدنيا والآخرة فلم أزل على ذلك سنين فوجدت لذلك حلاوة في سري ثم قال لي خالي يوما: يا سهل من كان الله معه وناظرا إليه وشاهده... أيعصيه ؟ إياك والمعصية) وأصبح سهل من كبار العارفين بفضل خاله الذي أدبه وغرس في نفسه وهو صغير أكرم معاني الإيمان والمراقبة...) [من كتاب تربية الأولاد في الإسلام (1/ 127)] احكي له أختي الغالية خطر إغفال الوالدين لتربية أبناءهم وفي ذلك يقول الإمام ابن القيم: من أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى فقد أساء غاية الإساءة وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه فأضاعوهم صغارا فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينتفعوا آباءهم كبارا.

وعاتب بعضهم ولده على العقوق فقال: يا أبت إنك عققتني صغيرا فعققتك كبيرا وأضعتني وليدا فأضعتك شيخا [من كتاب تربية الأولاد كيف نجعلها متعة ص39] ولتحكي له أيضا أن تربية الأبناء لا تعني بالضرورة تعقيدهم فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد الحرص على غرس المعاني والقيم الإسلامية للأبناء منذ نعومة أظفارهم ومن تلك القصص:

ـ ما رواه البخاري ومسلم أن عمر بن أبي سلمة قال: كنت غلامًا في حجر رسول الله، وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله: «يا غلام، سمِّ الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك».

ولما أراد الحسين أن يأكل تمرة من تمر الصدقة قال له الرسول: «كخ كخ، أما علمت أنا لا تحل لنا الصدقة؟!».

الجانب الثاني: تثقيف نفسك وزوجك وتوفير كل ما من شأنه تطوير قدراتكما وتنمية جوانب المشاركة لدى زوجك عن طريق توفير بعض الكتب في المنزل ومنها كتاب (نحو تربية إسلامية راشدة من الطفولة حتى البلوغ لـ (محمد شاكر الشريف) أو تربية الأبناء في الإسلام لـ (عبدالله ناصح علوان) أو كيف تربي ولدك ؟ لـ (ليلى بنت عبد الرحمن الجريبة) أو تربية الأولاد كيف نجعلها متعة لـ (عزت عوض خليفة) أو غيرها من الكتب) وبتوفير الأشرطة النافعة والمطويات أو بتوفير المواقع المتعلقة بتربية الأبناء في قائمة المفضلة على النت خصوصا وأن زوجك (يجلس على النت) ومن تلك المواقع ما يلي:

(طفلي، الطفل، عالم المسلم الصغير، يوم وراء يوم، طفولة و...)

وأيضا بتوفير المجلات الهادفة ومنها (مجلة ولدي) فما أجمل أن تترك هذه الوسائل متاحة في المنزل فلعل زوجك يجد متسعا من الوقت للاستفادة منها.

الجانب الثالث: لابد من تربية الأبناء على احترام وتقدير والدهم بغرس معاني الحب والاحترام منهم له والسمع والطاعة مع بيان أهمية طاعة أبيهم ومدى حبه لهم.

كل ذلك من أجل يرى ويلمس الأب ثمرة غرسك ماثلا أمام ناظريه، حينها إن لم يقدم لك الخدمة والمساعدة أخيتي فلا أقل من تقديم الكلمة الطيبة والشكر منه لما تبذلينه وهو ما سيمنحك دافعا للمضي قدما لبذل المزيد من الجهد لأبنائك ولربما وفر لك كل ما تحتاجين إليه من وقت ومال أو لربما اعترف بتقصيره مؤيدا جهدك وبذلك.

الجانب الرابع: وفري لك أختي الغالية كافة الأجواء المساعدة في تربية أبنائك والكفيلة بإذن الله في تخفيف العبء عنك ومن ذلك:

أولا: البرامج المفيدة واختيار المحاضن التربوية النافعة لهم.

ثانيا: الاستفادة من تجارب أخواتك وأهلك.

ثالثا: العناية بتربية الأبناء الكبار وخصوصا البنات منهن لأنهم سيحملون دورا ينوب عن الأب بحول الله تعالى في تربية إخوتهم الصغار.

رابعا: العناية بحسن اختيار الرفقة الصالحة لهم وإبعادهم عن رفقاء السوء مهما كان سنهم.

6- فإن وجدت أخيتي تجاوبا من زوجك فالحمد لله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى وإن كانت الثانية فلا تأسي ولا تجزعي ولتعلمي أن الله تعالى يقسم الأرزاق فارضي بما قدره الله وقضاه فلا تدري أخيتي لربما تولى الزوج تربية أبنائه فلم تجدي منه ضالتك وما كنت تبحثين عنه من حسن التربية، نظرا لقلة باعه وثقافته أو لربما انشغل زوجك- بتفرغه لتربية أبنائه تحت إلحاح منك- عن جوانب مهمة كنت تمدحينه بها وتعتبرينه مثاليا.

وتذكري أنك والحمد لله خير من غيرك كيف لا !!

وأنت تحملين هذا الوعي وهذه الروح الغامرة بحب أبنائك ورغبتك الصادقة في بذل كل ما فيه سعادتهم وصلاحهم وتذكري قول الله تعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا} [سورة النساء: 19].

7- أذكرك أختي الغالية بأن كثيرا من العظماء عاشوا في كنف ورعاية أمهاتهم ومنهم عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما وهذه الخنساء التي قدمت أبناءها الأربعة شهداء في معركة القادسية ومنهم الإمام النووي وأحمد والشافعي وابن الجوزي وابن باز رحمهم الله جميعا وغيرهم الكثير والكثير.

8- وختاما أوصيك أخيتي بالدعاء لرب الأرض والسماء قولي وبقلب صادق: {ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما}.

تمنياتي لك أخيتي ولأسرتك بالسعادة والهناء.

الكاتب: خالد عبد اللطيف المزهر.

المصدر: موقع المستشار.